فيجوز (من واللام) في الجميع من ذلك بالنسبة إلى المفعول الأول الذي هو الأخذ الفاعل في المعنى، فلزيادة (اللام ومن) فيه إيهام بل إشارة إلى نكتة الأخذية بان حصول هذا الفعل لأجله ومختص به، وهو الباعث والمنشأ، فالإعطاء لزيد أي الأثر الحاصل منه له وهو منشأه، وكذلك الكلام في البيع والنكاح ومطلق باب أعطيت الذي هو ما كان متعديا إلى مفعولين أولهما أخذ والثاني مأخوذ، قاعدة مطردة مصرح بها في كتب الصرف واللغة.
وليست الحرفان في المواد المذكورة للتعدية وإن توهمها جماعة، كالباء في مادة التزويج لقوله تعالى: ﴿وزوجناهم بحور عين﴾ (1) والحال انها لتضمين زوجناهم معنى قرناهم، وقد اشتبه جمع كثير وجم غفير من الخلف والسلف في هذا الأمر الخطير، فتأمل.
والاسم من الفعل السابق الموهب والموهبة، فهو واهب والشيء موهوب، وزيد موهوب أيضا وموهوب له ومنه ومتهب، وقيل: الهبة هي العطية الخالية عن الأعواض والأغراض.
وبالجملة فالهبة في مقابل العوض بصيغة الهبة باطلة، وإطلاق الهبة المعوضة بهذا المعنى غلط البتة، بل لابد حينئذ من صيغة البيع أو الصلح، واما الهبة بشرط العوض فلا ضير فيها لخروج الشرط عن متن الهبة، وإذا كثرت الهبة والعطية بلا عوض مطلقا من أحد سمى بالوهاب، ولذا صار الوهاب من أسماء الله تعالى، كما أن الواهب أيضا من أسمائه تعالى لأنه الواهب الحقيقي.
و (الشرائع) جمع الشريعة، وهي في الأصل مشرعة الماء مطلقا، أو إذا كان جاريا كالأنهار، والمشرعة - بفتح الميم والراء - هي مورد الشاربة كالشرعة - بالكسر - وسمى ما شرع الله لعباده من الدين شريعة تشبيها بمورد الماء، لأن أهل الدين يردونه ويأخذون منه مياه الأحكام الشرعية التي منها حياة الأرواح الطيبة.