اللمعة البيضاء - التبريزي الأنصاري - الصفحة ٥١٣
وفي خبر الأصبغ عن علي (عليه السلام): نزل القرآن أثلاثا: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام (١).
وفي خبر آخر: ثلث فينا وفي أحبائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سنة ومثل، ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شئ، ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض، ولكل قوم آية يتلونها هم منها في خير أو شر (٢).
وللقرآن أسماء كثيرة كالكتاب، والنور، والضياء، والذكر، والإمام وغير ذلك، ومن جملتها الفرقان سمي به لأنه فارق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، فإن كل ما فرق به بين الحق والباطل فهو فرقان، ومنه قوله تعالى: ﴿ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان﴾ (٣).
وقيل: سمي بالقرآن باعتبار كونه جملة واحدة مجموعة، وبالفرقان لكونه في نفسه قطعا متفرقة بالسور والآيات والأمثال والقصص والحكايات وغير ذلك من صنوف الأمور المتفرقات.
وقيل: يطلق عليه القرآن لما مر، والفرقان لكونه نازلا بالنجوم والأقساط، كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا﴾ (4)، و (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث

(١) تفسير العياشي ١: ٩ ح ٣، عنه البحار ٩٢: ١١٤ ح ٢، والصافي ١: ٢٤، وفي الكافي ٢: ٦٢٧ ح ٢.
(٢) تفسير العياشي ١: ١٠ ح ٧، عنه البحار ٩٢: ١١٥ ح ٤، والصافي ١: ٢٤.
(٣) الأنبياء: ٤٨.
أقول: وقال تعالى أيضا في سورة الأنفال: ٢٩ ((يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا)) تدل هذه الآية الكريمة على أن المؤمن إذا اتقى الله حق تقاته، ألهمه الله تعالى وألقى في قلبه ما يفرق بين الحق والباطل، فيسلك سبل الرشاد ويترك سبل الضلال بالهام من الله تعالى، ولذا ترى أن المتقي الصادق يكون دائما على الصراط المستقيم ولا تغويه الفتن ولا تلتبس عليه الأمور.
(٤) الفرقان: ٣٢.
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»
الفهرست