و (الغفار) مبالغة الغفور، ومعناهما الساتر لذنوب عباده وعيوبهم، المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم.
والحاصل انهما من المغفرة، وهي العفو عن الذنب وأصلها من الغفر بمعنى الستر، يقال: غفره - من باب ضرب - غفرا وغفرانا ستره، والاسم المغفرة وتستعمل مصدرا أيضا.
وغفرت المتاع جعلته في الإناء، فأطلق على العفو عن الذنب كأن الغافر يستره، كما يقال له العفو أيضا بمعنى المحو في الأصل، فيقال: غفر الله ذنبه وعفاه، ومنه الغفير للجم الكثير والجمع الزائد لسترهم وجه الأرض بكثرتهم وزيادتهم، والغفير بمعنى الزائد من الولد والمال، والمغفر لما يجعل على الرأس من آلة الحديد المعروفة لستره الرأس ونحو ذلك، وقولهم: والصبغ أغفر للوسخ أي أستر.
و (المجاورة) من الجار، وهو من قرب ببيته من بيتك متصلا أو غير متصل بالقدر المعروف عرفا أي إلى أربعين ذراعا، أو أربعين دارا ونحو ذلك على الخلاف المعروف بحسب العرف والشرع من حيث بيان العرف، ولما كان الجار في حفظ الجار الآخر لقربه منه إذا كان قويا وهو يحفظه، أو ان الظالم لا يقصده من جهة الخوف منه، أطلق الجار على المجير، والمستجير، والناصر، والمستنصر، والشريك، والزوج، والزوجة ونحو ذلك من المعاني المناسبة والملائمة.
ومجاورة الملك كناية عن الكون في حفظه وذماره، أو القرب منه أي من رضوانه وثوابه ونعمه وألطافه.
وفي الحديث: (عليكم بحسن الجوار فإن حسن الجوار يعمر الدار)، قيل:
ليس حسن الجوار كف الأذى فقط بل تحمل الأذى منه أيضا، ومن جملة حسن الجوار ابتدائه بالسلام، وعيادته في المرض، وتعزيته في المصيبة، وتهنيته في الفرح، والصفح عن زلاته، وعدم التطلع على عوراته، وترك مضايقته فيما يحتاج إليه من وضع جذوعه على جدارك، وتسلط ميزابه على دارك.
وفي الخبر: (أحسنوا جوار النعم) وتفسيره كما جاءت به الرواية: الشكر لمن