أرادا أن لا يظهرا لعلي وقد اغتصبا الخلافة رقة ولينا وخذلانا، ولا يرى عندهما خورا، فاتبعا القرح بالقرح (1).
وقال أيضا: وقلت لمتكلم من متكلمي الإمامية، يعرف بعلي بن تقي من بلدة النيل: وهل كانت فدك إلا نخلا يسيرا، وعقارا ليس بذلك الخطير؟ فقال لي: ليس الأمر كذلك، بل كانت جليلة جدا، وكان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل، وما قصد أبو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها إلا أن لا يتقوى علي بحاصلها وغلتها على المنازعة في الخلافة، ولهذا اتبعا بمنع فاطمة وعلي وسائر بني هاشم وبني المطلب حقهم في الخمس، فإن الفقير الذي لا مال له يضعف همته، ويتصاغر عند نفسه، ويكون مشغولا بالاحتراف والاكتساب عن طلب الملك والرئاسة (2).
وقال أيضا: وسألت علي بن الفارقي - مدرس المدرسة الغربية ببغداد - فقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم، قلت: فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟!
فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه، ولم يكن يمكنه الإعتذار والموافقة بشئ، لأن يكون قد أسجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود.
قال ابن أبي الحديد: وهذا كلام صحيح، وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل، إنتهى (3).
وبالجملة لقد اقتضت مصلحة أمر الخلافة والحكومة أن يظلموا بغصبها عن تلك المعصومة المظلومة، ليكون علي (عليه السلام) وأولاده فقراء مبتلين بقلة الرياش، وضنك المعيشة، وضيق المعاش ليكون وجوه الناس عنهم منصرفة،