السنة، وقد وعد الله لنبيه (صلى الله عليه وآله) فتح خيبر ومضافاتها بقوله:
(وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها..) الآية (1).
وهذه الوعدة كانت عند صلح الحديبية، ولما رجع النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الصلح في الحديبية - على التفصيل الواقع في الأخبار المروية - رجع إلى المدينة في السنة السادسة من الهجرة، نهض بألف وأربعمائة من جيشه المنتصر إلى فتح خيبر، وفتحها على النحو المفصل في كتب الأخبار والسير.
وقد وقعت خيبر من المدينة إلى سمت الشام على مسافة ثمانية بريدات، كل بريد أربعة فراسخ، لها مزارع معمورة وحصون موفورة، بناها خيبر أخو يثرب من العمالقة الذي بنا المدينة، فسمى كل باسم بانيه، وقيل: خيبر في لغة اليهود بمعنى الحصن، فيقال لتلك الحصون خيابر من هذه الجهة.
وكان حصونها مسماة بثلاثة أسماء نوعية، الأول: حصن نطاة، وهي ثلاثة حصون: حصن الناعم، وحصن الصعب، وحصن القلة، الثاني: حصن الشق، وهي حصن أبي وحصن البراء، والثالث: حصن الكتيبة - بصيغة التصغير - وهي حصن قموص، وحصن وطيح، وحصن سلام - بضم السين - ويقال له ((سلالم)) أيضا، والمجموع ثمانية حصون.
وفي يوم فتح خيبر قدم جعفر بن أبي طالب، وقد كان هاجر من مكة إلى الحبشة في جمع قليل من المؤمنين مع ستة نفر من الأشعريين منهم أبو موسى الأشعري، فاتفق قدوم جعفر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يوم فتح خيبر، فلما قدم جعفر عليه في خيبر يوم فتحها وبشر النبي (صلى الله عليه وآله) بقدومه، قال:
((والله ما أدري بأيهما أشد سرورا بقدوم جعفر أو بفتح خيبر)) (2).
فلما قدم وثب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالتزمه، وقبل ما بين عينيه وقال: يا جعفر ألا أمنحك، ألا أعطيك، ألا أحبوك؟ فقال جعفر: بلى يا رسول الله،