ورأس الجماعة عن التوجه إليهم منحرفة، فلا يتمكن علي (عليه السلام) من المنازعة في الخلافة، ولا يميل الناس إليه بالمرة حتى لا يشتعل ناره، ويقل أعوانه وأنصاره، ويتسلم أمر الخلافة لأبي بكر ومن معه، فيكون في أيديهم الحل والقبض في الجميع، ويخضموا (1) مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، ويعطوا منه من شاؤوا ويمنعوه ممن شاؤوا، وأيم الله ما أشبه حالهم بحال كفار قريش حين قالوا في مثله: ((لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله)) رأى عمر هذا الرأي بعد أن بويع أبو بكر بالخلافة، فاستحسنه أبو بكر وأرسل إلى وكيل فاطمة (عليها السلام) في فدك والعوالي ومنعه.
قال في كشف الغمة: وما كان لأبي بكر وعمر (2) لما وليا هذا الأمر، يرتبان في الأعمال والبلاد القريبة والنائية من الصحابة والمهاجرين والأنصار من لا يكاد يبلغ مرتبة علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ولا يقاربها، فلو اعتقدا هم مثل بعض الولاة، وسلما إليهم هذه الصدقة التي قامت النائرة في أخذها، وعرفاهم ما روياه وقالا لهم: أنتم ذو القربى، وأنتم أهل بيت العصمة الذين شهد الله لكم بالطهارة، وأذهب عنكم الرجس، وقد عرفناكم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ((لا نورث ما تركناه صدقة)) فعليكم تبعة هذه الفعلة وقد سلمناها إليكم، فإن فعلتم الواجب الذي أمرتم به، وفعلتم فيها فعل النبي (صلى الله عليه وآله) فقد أصبتم وأصبنا، وإن تعديتم الواجب فقد أخطأتم وأصبنا، ولو فعلا كذلك لكان من الإنصاف كما ترى (3).
وحكى ابن أبي الحديد عن كلام قاضي القضاة نقلا عن بعض الشيعة أنه قال في المقام: قد كان الأجمل أن يمنعهم التكرم مما ارتكبوا منها فضلا عن الدين، ثم