يقول: لم قلت ذلك؟ ولم زعمت أن الحاجة إلى البينة إنما كانت لزيادة غلبة الظن؟
ولم لا يجوز أن يكون الله تعالى يعبد بالبينة لمصلحة يعلمها. وإن كان المدعى لا يكذب!
أليس قد تعبد الله تعالى بالعدة في العجوز التي قد أيست من الحمل. وإن كان أصل وضعها لاستبراء الرحم!
وأما قصة خزيمة بن ثابت. فيجوز أن يكون الله تعالى قد علم أن مصلحة المكلفين في تلك الصورة أن يكتفى بدعوى النبي صلى الله عليه وآله وحدها. ويستغنى فيها عن الشهادة.
ولا يمتنع أن يكون غير تلك الصورة مخالفا لها وإن كان المدعى لا يكذب. ويبين ذلك أن مذهب المرتضى جواز ظهور خوارق العادات على أيدي الأئمة والصالحين. ولو قدرنا أن واحدا من أهل الصلاح والخير ادعى دعوى وقال بحضرة جماعة من الناس من جملتهم القاضي: اللهم إن كنت صادقا فأظهر على معجزة خارقة للعادة. فظهرت عليه لعلمنا أنه صادق. ومع ذلك لا تقبل دعواه إلا ببينة.
وسألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد فقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم قلت: فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟ فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته قال لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشئ. لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيها تدعى كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود. وهذا كلام صحيح. وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل.
فأما قول قاضي القضاة: لو كان في يدها لكان الظاهر أنها لها واعتراض المرتضى عليه بقوله: إنه لم يعتمد في إنكار ذلك على حجة بل قال: لو كانت في يدها لكان الظاهر أنها لها والامر على ما قال: فمن. أين أنها لم تخرج عن يدها على وجه! كما أن الظاهر