ونخلها، فأخذها عمر ودفع إليهم قيمة النصف الذي لهم، وكان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم، أعطاهم إياها من مال أتاه من العراق، وأجلاهم إلى الشام (1).
وروى ابن شهرآشوب ان النبي (صلى الله عليه وآله) لما توجه إلى فتح قلاع فدك تحصن أهلها في واحدة منها، فناداهم بقوله: ما تفعلون، وما يؤمنكم أن تكونوا آمنين في هذا الحصن، لو تركتكم في هذه القلعة وأمضي إلى سائر قلاعكم وأفتحها، وأتصرف جميع أموالكم التي فيها؟! قالوا: إن لنا حفظة عليها وهي مقفلة عندهم أو عندنا مفاتيحها.
قال (صلى الله عليه وآله): بل أعطاني الله مفاتيحها وهي الآن في يدي، فأخرجها من كمه وقال: انظروا إليها، فلما رأوا ذلك اتهموا رجلا سلموا المفاتيح إليه بأنه صبا إلى دين محمد (صلى الله عليه وآله)، وأعطى المفاتيح له وعاتبوه في ذلك أشد معاتبة، فحلف أن المفاتيح عنده، وانه جعلها في سفط في صندوق أخفاه في دار محكمة مقفلة.
فلما ذهب إليها رأى الأقفال على حالها ولم ير المفاتيح في مكانها، فرجع وقال: أنا علمت أن هذا الرجل نبي لا غير، لأني كنت ضبطت الأقفال، وقرأت عليها آيات من التوراة لدفع السحر عنها باعتقاد ان هذا الرجل ساحر، وقوة عمله بالسحر، وحال جميع الأقفال على حالها، والمفاتيح مفقودة من مواضعها ومحالها، فقالوا له (صلى الله عليه وآله): من أعطاك المفاتيح؟ قال: الذي أعطى الألواح لموسى أرسلها إلي بيد جبرئيل، ففتحوا حينئذ القلعة وأسرعوا إلى خدمته.
فأسلم بعضهم فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) الخمس من أموالهم، وترك الباقي لهم، ومن لم يسلم تصرف أملاكهم وأموالهم وخلاهم وبالهم.
فنزل جبرئيل بقوله تعالى: (فآت ذا القربى حقه) أي فاطمة فدكا، فإنها ميراثها أي بدل ميراثها من أمها خديجة وأختها هند بنت أبي هاله، فرجع (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة وطلب فاطمة (عليها السلام)، وكتب الوثيقة