الخبر كان موضوعا صرفا جعلوه من عند أنفسهم حتى لا يكون لعلي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) وسعة في وجوه المعيشة، فيؤدي ضيق حالهم إلى استيصالهم، وصرف وجوه الناس عنهم ليستقر أمر الخلافة المغصوبة.
وكان أبو بكر متفردا في نقل الرواية، ولم يكن له شاهد على ذلك بالمرة، فظهر بعد مدة مديدة بل في عهد عمر شهود على المسألة، فشهد عمر وعائشة وأوس بن حدثان على صدور الرواية من النبي (صلى الله عليه وآله)، وشهد بعض آخر على أن أبا بكر نقلها من النبي (صلى الله عليه وآله)، بل قيل: إن شهادة الثلاثة المذكورة أيضا إنما كانت على نقل أبي بكر تلك الرواية لا كون الرواية نبوية، وسيأتي تفصيل المرحلة.
وبالجملة فادعت فاطمة (عليها السلام) أولا كون فدك نحلة لها من أبيها، فطلبوا منها الوثيقة على ذلك فمزقوها، والشهود فردوها ولم يقبلوها، ثم ادعت على سبيل التنزل والمماشاة كونها إرثا لها من أبيها، فردوها بتلك الرواية التي وضعوها، فلم يبق سنة إلا بدلوها، ودبابة إلا دحروها.
وما في بعض الروايات انها ادعت الإرث أولا ثم ادعت النحلة، فذلك على تقدير الصحة إنما هو بلحاظ انها في محل إرثها لا محالة، فلما ألقوا الشبهة بنقل الرواية أبدت ما هو الواقع من حقيقة النحلة.
وروى العلامة في كشكوله المنسوب إليه عن مفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) قال: لما ولى أبو بكر بن قحافة قال له عمر: إن الناس عبيد هذه الدنيا لا يريدون غيرها، فامنع عن علي وأهل بيته الخمس والفئ وفدكا، فإن شيعته إذا علموا ذلك تركوا عليا، وأقبلوا إليك رغبة في الدنيا وإيثارا لها ومحاماة عليها، ففعل أبو بكر ذلك وصرف عنهم جميع ذلك (1).
قال ابن أبي الحديد: قال لي علوي من أهل الحلة يعرف بعلي بن مهنا، ذكي ذو فضائل: ما تظن قصد أبي بكر وعمر بمنع فاطمة فدك؟ قلت: ما قصدا؟! قال: