فظن الناس أنه يعطيه ذهبا أو فضة وتشرفوا لذلك، فقال: ألا أعلمك صلاة إذا أنت صليتها وكنت فررت من الزحف، وكان عليك مثل زبد البحر ورمل عالج ذنوبا غفر لك؟ قال: بلى.
فعلمه الصلاة المشهورة بصلاة جعفر الطيار، وهي أربع ركعات بتسليمتين في الركعة الأولى بعد الحمد الزلزلة، وفي الثانية بعدها العاديات، وفي الثالثة بعدها النصر، وفي الرابعة بعدها التوحيد، وبعد القراءة في كل من الركعات خمس عشرة مرة ((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)) وفي كل من الركوع والرفع منه، وفي كل من السجدات والرفع منها قولها عشر مرة (1)، وأعطى لأصحاب جعفر من غنائم خيبر.
وروي أنه لما ورد النبي (صلى الله عليه وآله) مع أصحابه إلى حوالي خيبر، أرسل محيصة بن مسعود الحارثي إلى فدك ليدعو أهلها إلى الاسلام، ويحذرهم عن مخالفة سيد الأنام، فلما وصل محيصة إليهم، وبلغ الرسالة من معدن الرسالة عليهم، وخوفهم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاء إلى حربهم كما أتى إلى حرب أهل خيبر، فهم أجابوه بالكلام الخشن، والجواب الغير الحسن، واعتمدوا على شجعان خيبر وأبطالها، وان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يمكنه فتحها بل يكون هناك مغلوبا، فيكون عن التوجه إلى فدك محروما.
وقالوا: إن عامرا وياسرا وحارثا وسيد اليهود - يعنون مرحبا - في حصن نطاة، ومعهم ألف مقاتل من الكماة (2)، وما نظن أن يقاومهم جيش محمد ولا غيره، ولم يعلموا أن الله غالب أمره، فأرادوا رد محيصة، ولما رأى أن لا ميل لهم في المصالحة والمسالمة أراد أن يرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتأمل بعض عقلاء الجماعة في عاقبة المقدمة، وخافوا من الوخامة وسوء الخاتمة، فتعللوا في الجواب بين النقض والإبرام، ولم يدروا ما يلقون إليه من الكلام، حتى وصل إليهم