الخبر بعد ثلاثة أيام أن فتحت خيبر بجيش سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.
فتقدموا حينئذ بقدم الإعتذار، وأرسلوا إلى النبي المختار واحدا من أكابرهم مسمى بنون بن يوشع مع جماعة كثيرة لتمهيد بساط المصالحة، وتأسيس بنيان المسالمة.
فلما تشرفوا بخدمة سيد الأنام، وتكلموا بما يليق من الكلام، وقع القيل والقال في أمر المصالحة وكيفيتها بالنقض والإبرام، إلى أن انعقد المصالحة بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أن يكون نصف أراضي فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، والنصف الآخر لأهلها بأن لا يتعرض النبي (صلى الله عليه وآله) عليهم، ويعفو عنهم، ويقرهم على دينهم.
فعامل رسول الله (صلى الله عليه وآله) معهم بهذه المعاملة، وهم كانوا على تلك الحالة حتى أخرجهم عمر بن الخطاب في أيام خلافته إلى الشام، بعد أن اشترى منهم النصف الذي كان حصتهم بشئ من بيت المال.
وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما فتح خيبر أرسل عليا (عليه السلام) إلى فدك، فصالح أهلها معه بأن يكون نصف أراضي فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الحوائط والأبنية العالية الموجودة فيها، فصالح (عليه السلام) معهم على هذا، فنزل جبرئيل بقوله تعالى: ﴿فآت ذا القربى حقه﴾ (1) فقال (صلى الله عليه وآله): من ذا القربى وما حقه؟ قال جبرئيل: ذا القربى فاطمة، وحقها ما كان لك من أراضي فدك وحوائطها.
فكتب (عليه السلام) بذلك صكا ووثيقة وجعلها لفاطمة (عليها السلام)، وهذه الوثيقة هي التي أتت بها فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر حين غصب فدكا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، على ما سيجيء تفصيله.
وفي رواية أخرى: إنه لما سمع أهل فدك أن المسلمين قد صنعوا ما صنعوا بأهل خيبر، بعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسألونه أن يسيرهم، ويخلي