خلق قلوبا اختارها لنفسه، وهي قلوب عباده المؤمنين المخلصين، وجعل أسفها أسفه، أو كأسفه (1).
أو ان النبي (صلى الله عليه وآله) هو مظهر الصفات الإلهية، والآثار الربانية كالحديدة المحماة بالنار الحامية، فهو من حيث الحكاية في مقام الذات الظاهرة، وإن كان غيره في الحقيقة في مقام الذات الباطنة، بل لا مناسبة بينهما بالمرة.
وهذه الأخبار الواردة في المقام كلها من باب المقدمة والتمهيد والتوطئة لما كان (صلى الله عليه وآله) يعلم من أمر الشيخين وأتباعهما في غصب فدك عن فاطمة (عليها السلام)، وإيذائهم لها في ذلك وغيره، فقد تم عليهم الحجة والانحراف عن المحجة بصدور هذه الأخبار المستفيضة بحيث لم يبق في ذلك شبهة وريبة عند الخاصة والعامة.
تنبيه: قد ورد صدور قوله (صلى الله عليه وآله): ((فاطمة بضعة مني)) في بعض الأخبار بنحو آخر طويل لا بأس بذكره ملخصا، من جهة الإشارة إلى بعض المطالب اللازمة، وهو انه لما رأى المخالفون كثرة ما ورد على الخلفاء من القدح والطعن والنقيصة أراد بعضهم أن يثبت لعلي (عليه السلام) طعنا فيشارك الثلاثة، فلم يجد بعد الفحص إلا ان عليا أغار فاطمة بأن أراد أن يتزوج عليها بنت أبي جهل أو غيرها، فشكته إلى أبيها فقال النبي (صلى الله عليه وآله) في رد علي (عليه السلام) خطابا له: إن فاطمة بضعة مني، إلى آخر الرواية.
وقد روى الصدوق (رحمه الله) انه ذكر تلك المقالة عند الصادق (عليه السلام)، فاستوى جالسا ثم قال: إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة (عليها السلام) ثلاث مرات بهذا الخبر حتى دخلها من الغيرة مالا تملك نفسها، وذلك أن الله تعالى كتب الغيرة على النساء، وجعل على الرجال جهادا، وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المجاهد في سبيل الله.