معربة، وقال الزجاج: يجوز أن تكون عربية لأن في الكلام مثل لفظها، وهي شكوة بمعنى القربة الصغيرة، فعلى هذا تكون المشكاة مفعلة منها.
وأصلها ((مشكاة)) وهي الكوة في الحائط والجدار الغير النافذة، يوضع عليها الزجاجة، ويجعل المصباح خلف الزجاجة، ويكون للكوة باب آخر يوضع المصباح منه، وقيل: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة المشتعلة، وهو أنبوبته وهو مثل الكوة، وقيل: المشكاة هي نفس القنديل، والظاهر هو المعنى الأول.
((فيها مصباح)) والمراد من المصباح آلة الضياء، وهي الشعلة الحاصلة من استحالة الأجزاء الدهنية المخالطة للفتيلة بمجاورة النار، أو هي الشعلة مع الفتيلة ويقال لها السراج أيضا.
وإذا كان السراج قد يطلق على ظرف الفتيلة باعتبار علاقة الحالية والمحلية، أو المصباح هو السراج الضخم الثاقب، ولو كان معناه مطلق السراج فالمراد هنا هو المقيد بالوصف المذكور بمعونة تنوين التعظيم، وأصل المصباح من الصباح بمعنى البياض، ولذا يطلق على بياض النهار أيضا فيقال: الصباح يغني عن المصباح، والأصبح: الأبيض، وهذا كله بملاحظة اللون الظاهري.
وقد يراد بالبياض والصباحة كثرة الافضال والإحسان والنفع والاهتداء، ونورية الطينة، قال أبو طالب (عليه السلام) في مدح النبي (صلى الله عليه وآله):
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل ويجوز أن يكون مراده من الأبيض كونه نوراني الوجه كالشمس المشرقة بالأنوار الصورية والمعنوية، والوجاهة الظاهرية والباطنية.
((المصباح في زجاجة)) الزجاجة معروفة، والضم فيه أشهر من التثليث وبه قرأ السبعة، ويقال لبائعها: الزجاجي - بياء النسبة - ولصانعها: الزجاج، مثل النجار والعطار، والتنوين في (زجاجة) للتعظيم، كما أن تعريفها وإعادتها مرة ثانية لذلك.