نوراني كالفتيلة المشتعلة الضخمة في جوف شئ كالزجاجة، وهو في جوف شئ صاف آخر كالمشكاة، فيكون هناك مظروف نوراني في أشد مراتب النورية، وظرفان متداخلان صافيان براقان بأنفسهما وبنورية المظروف الموجود فيهما أي في جوفهما.
((يوقد)) قرئ بالياء، مخفف القاف ومشددها، مجهولا فيهما، ويتوقد من باب التفعل معلوما، ويوقد بالياء من الباب المذكور مع حذف التاء لاجتماع حرفين زائدين وهو غريب، وضمير الفاعل مطلقا يراجع إلى المصباح، والمعنى على جميع القراءات المذكورة انه يشعل ذلك المصباح أي السراج الضخم الثاقب للظلام، ((من شجرة مباركة زيتونة)) وإبهام الشجرة ووصفها بالمباركة ثم بيانها بالزيتونة، أو استبدالها بها تفخيم لشأنها.
والمراد انه زويت زبالة هذا المصباح بزيت شجر الزيتون الذي يكون دهنه أصفى من سائر الأدهان وأضوء، لا سيما في السراج مع كونه متكاثر المنفعة، فإن فيه أنواع المنافع حيث إن الزيت يسرج به، وهو أدام ودهان ودباغ، ويوقد بحطبه، ويدبغ بثفله، ويغسل برماده الإبريسم، ولا يحتاج في استخراج دهنه إلى عصار.
وهي أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان، ومنبتها منزل الأنبياء غالبا أي الشامات، وبارك فيها ستون نبيا أو سبعون، منهم إبراهيم (عليه السلام)، ولذا سميت مباركة، أو لأنها تنبت في الأرض المباركة التي بارك الله فيها للعالمين، وعن النبي (صلى الله عليه وآله): ((عليكم بزيت هذه الشجرة الزيتونة، فتداولوها فإنها مصححة من الناسور)) ولها منافع كثيرة في الأدواء المختلفة.
((لا شرقية ولا غربية)) أي لا يفيء عليها ظل شرق ولا غرب، فهي ضاحية للشمس لا يظلها جبل ولا شجر ولا كهف، فثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفى، فالمعنى أنها ليست بشرقية لا يصيبها الشمس إذا غربت، ولا بغربية لا يصيبها الشمس إذا طلعت، بل هي شرقية غربية، وذلك بأنها وقعت في رأس جبل، أو في صحراء واسعة بلا اختصاص بأحد الطرفين، فأخذت بحظها من الأمرين.