فاشتد غم فاطمة لذلك وبقيت متفكرة حتى جاء الليل، فحملت الحسن والحسين (عليهما السلام) وأخذت بيد أم كلثوم، ثم تحولت إلى حجرة أبيها، فجاء علي (عليه السلام) فلم يجدهم في الحجرة، فاطلع على الحالة واستحيى أن يدعوها من منزل أبيها، فخرج إلى المسجد فصلى فيه ما شاء الله، ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكأ عليه.
فلما رأى النبي (صلى الله عليه وآله) غم فاطمة ففهم كيفية الواقعة فقال: قومي يا بنتي، فقامت فحمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن وفاطمة الحسين، وأخذ بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي (عليه السلام) وهو نائم في المسجد، فوضع رجله على رجل علي (عليه السلام) فغمزه وقال له: قم يا أبا تراب، فكم ساكن أزعجته، ادع لي أبا بكر وعمر وطلحة وجماعة أخرى من الأصحاب، فاستخرجهم من منزلهم حتى اجتمعوا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي.
قال: فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله بلى، قال: فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال علي (عليه السلام): والذي بعثك بالحق نبيا ما كان ما بلغها، ولا حدثت به نفسي.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): صدقت وصدقت فاطمة، فعند ذلك تبسمت حتى بدى ثغرها، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فشبك أصابعه بأصابعه، فحمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن وعلي (عليه السلام) الحسين وفاطمة (عليها السلام) أم كلثوم، فأدخلهم النبي (صلى الله عليه وآله) بيتهم، ووضع عليهم قطيفة واستودعهم الله ثم خرج.
ولما كان مرض فاطمة (عليها السلام) وجاء الشيخان مع الصحابة إلى عيادتها احتجت عليهم فاطمة بهذه الواقعة، فاستشهدتهم أولا على ذلك فشهدوا