كتابه الكريم: ﴿وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم﴾ (1).
ولا إشكال في الكنى الأخيرة، وإنما الكلام في بيان معنى الكنية الأولى، وهي أدق كناها من حيث المعنى، والأظهر في توجيهها ما اختاره النواب الأشرف الأعلى، والجناب الأرفع الأسنى، المقتعد على غارب المعالي، والمؤسس لهذا الأساس العالي، مؤيد الدولة والملة - أدام الله تأييده - وهو ان النكتة في هذه التكنية انما هي محض إظهار المحبة، فإن الإنسان إذا أحب ولده أو غيره وأراد أن يظهر في حقه غاية المحبة، قال: يا أماه في خطاب المؤنث، ويا أباه في خطاب المذكر، تنزيلا لهما بمنزلة الام والأب في المحبة والحرمة، على ما هو معروف في العرف والعادة.
ويؤيد ما اختاره المؤيد الكاشف للغمة ما ذكر في كشف الغمة في فضل فاطمة (عليها السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحبها ويكنيها بأم أبيها (2)، ولا إشكال في صحة هذا التوجيه، وانه الوجيه الخالي عن ارتكاب التكلف في المقام، وكلام الملوك ملوك الكلام.
لكن ذكر الصدوق (رحمه الله) في العلل عن الحسن بن فضال انه قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) فقلت له: لم كنى النبي (صلى الله عليه وآله) بأبي القاسم؟
فقال: لأنه كان له ابن يقال له (قاسم) فكنى به، قال: قلت: يا ابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة، أو لا تراني أهلا لما فوق ذلك؟
فقال (عليه السلام): نعم، أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أنا وعلي أبوا هذه الأمة - بصيغة التثنية في الأب على النسخ المشهورة، وبصيغة المفرد على بعض النسخ - قلت: بلى، قل: أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أب لجميع الأمة؟ قلت: بلى، قال: أولم يكن علي (عليه السلام) من جملة أمته؟ قلت: بلى، قال (عليه السلام): أو ليس علي (عليه السلام) قاسم