ذلك - إلى أن قال: - فلما أراد الله بدء خلقتنا تكلم بكلمة فكانت نورا، ثم تكلم بكلمة ثانية فكانت روحا، فمزج بينهما وخلقني وعليا منهما.
ثم فتق من نوري نور العرش، فأنا أجل من العرش، ومن نور علي نور السماوات، فعلي أجل من السماوات، ومن نور الحسن نور الشمس فالحسن أجل من الشمس، ومن نور الحسين نور القمر، فالحسين أجل من القمر، فكانت الملائكة تسبح الله بقولهم: ((سبوح قدوس من أنوار ما أكرمها على الله)).
فلما أراد الله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحابا من ظلمة، وكانت الملائكة لا تنظر أولها من آخرها وبالعكس، فقالت الملائكة: إلهنا نسألك بحق هذه الأنوار الا ما كشفت عنا، فقال تعالى: لأفعلن، فخلق نور فاطمة الزهراء يومئذ كالقنديل، وعلقه في قرطي العرش، فزهرت السماوات والأرضون، وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه، فقال الله تعالى: لأجعلن ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها (1).
وروى عبد الله بن مسعود قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقلت: يا رسول الله أرني الحق لأصل إليه، فقال: يا عبد الله لج المخدع، فولجت المخدع فإذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي ويقول في ركوعه وسجوده:
((اللهم بحق محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي)).
فخرجت حتى أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسمعته يقول: ((اللهم بحق علي بن أبي طالب عبدك الا ما غفرت للخاطئين من أمتي)).
فقال: فأخذني من ذلك الهلع العظيم، فأوجز النبي (صلى الله عليه وآله) في صلاته وقال: يا ابن مسعود أكفر بعد الايمان؟ فقلت: حاشا وكلا يا رسول الله، ولكن رأيت عليا يسأل بك ورأيتك تسأل الله به، ولا أعلم أيكما أفضل عند الله، فقال (صلى الله عليه وآله): اجلس يا ابن مسعود، فجلست بين يديه فقال: اعلم أن الله تعالى خلقني وعليا من نور عظمته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام، إذ لا تسبيح ولا تقديس ولا تهليل.