وفي (الإحياء) مس المشاهد وتقبيلها عادة النصارى واليهود.
وقال الأقفهسي: قال الزعفراني - في كتابه: وضع اليد على القبر ومسه وتقبيله من البدع التي تنكر شرعا.
وروى أن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - رأى رجلا وضع يده على قبر النبي - صلى الله عليه سلم - فنهاه، وقال: وما كنا نعرف هذا) أي الدنو منه] وذكر غير واحد نحو ذلك، وفي كتاب العلل والسؤالات لعبد الله ابن الإمام أحمد، عن أبيه رواية أبي علي الصوان قال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يمس منبر النبي - صلى الله عليه سلم - ويتبرك بمسه، ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك، رجاء ثواب الله عز وجل قال: لا بأس.
وروى الإمام أحمد - بسند حسن -، وأبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله الخشني في (أخبار المدينة) عن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر، فأخذ مروان برقبته ثم قال: هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال: نعم، إني لم آت الحجرات، إنما جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله).
قال المطلب: وذلك أبو أيوب الأنصاري، وتقدم في باب أدلة الزيارة، أن ابن عساكر روى بسند جيد أن بلالا - رضي الله تعالى عنه - لما قدم من الشام لزيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى القبر، فجعل يبكي ويمرغ وجهه عليه.
وذكر الخطيب ابن جملة، أن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف، وأن بلالا وضع خده عليه أيضا - رضي الله تعالى عنه -.
قال: ولا شك أن الاستغراق في المحبة بحمل على الإذن في ذلك، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم، والناس يختلف مراتبهم في ذلك، كما كانت تختلف في حياته، فأناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم، بل يبادرون إليه، وأناس فيهم إناة يتأخرون، والكل محل خير.
وقال الحافظ: استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره.
فأما آدمي فسبق في الأدب.
وأما غيره فنقل عن أحمد، أنه سئل عن تقبيل منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبره فلم ير به بأسا، واستعبد بعض أتباعه صحته عنه، قلت: نقل ذلك عنه ابنه عبد الله كما تقدم.