أن لا تتكشف، وخيرها بين الصبر والجنة، وبين الدعاء لها بالشفاء من غير ضمان، فاختارت الصبر والجنة وفي ذلك دليل على جواز ترك المعالجة والتداوي، وأن علاج الأرواح بالدعوات والتوجه إلى الله يفعل ما لا يناله علاج الأطباء، وأن تأثيره وفعله، وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها أعظم من تأثير الأدوية البدنية، وانفعال الطبيعة عنها، وقد جربنا هذا مرارا نحن وغيرنا، وعقلاء الأطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسية، وانفعالاتها في شفاء الأمراض عجائب، وما على الصناعة الطبية أضر من زنادقة القوم، وسفلتهم، وجهالهم. والظاهر أن صرع هذه المرأة كان من هذا النوع، ويجوز أن يكون من جهة الأرواح، ويكون رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - قد خيرها بين الصبر على ذلك مع الجنة، وبين الدعاء لها بالشفاء، فاختارت الصبر والستر، والله أعلم].
الباب الثالث عشر في سيرته - صلى الله عليه وسلم - في علاج الغيراء روى الطبراني في الكبير وابن السني في عمل اليوم والليلة بسند ضعيف عن ميمونة بنت أبي عسيب أن امرأة من جرش أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعير فنادت: يا عائشة أعينيني بدعوة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسكنني قالت: (ضعي يدك اليمني على فؤادك فامسحيه، وقولي: بسم الله، اللهم، داوني بدوائك واشفني بشفائك، وأغثني بفضلك عمن سواك وأحدر عني أذاك) (1).