قال القاضي: ومن إعظامه - صلى الله عليه وسلم - وإكباره إعظام جميع أسبابه، وإكرام جميع مشاهده وأمكنته ومعاهده، وما مسه - صلى الله عليه وسلم - بيده أو عرف به انتهى.
وذلك بزيارة تلك المشاهد والتبرك بها، ولله در القائل:
خليلي، هذا ربع عزة فاعقلا * قلوصيكما ثم انزلا حيث حلت ومسا ترابا طال ما مس جلدها * وظلا وبيتا حيث باتت وظلت ولا تيأسا أن يمحو الله عنكما * ذنوبا إذا صليتما حيث صلت ومنها: أن يكون مع ذلك دائم الأشواق لذلك المزار ومشاهدة تلك الآثار، متعلق القلب بالعود إلى تلك الديار، ينمي شوقه بتأمل ما نقل من الآثار والأخبار، وما نظم فيه من نفائس الأعشار، ومن أعظمها وأعذبها وأعجبها، قصيدة الإمام الولي العارف بالله تعالى، أبو محمد العسكري التي مطلعها:
دار الحبيب أحق أن تهواها * وتهيم من طرب إلى ذكراها وقد تقدمت بتمامها في أبواب فضل المدينة الشريفة (أوائل الكتاب) وكذلك ما قاله البدر بن فرحون أحد أصحاب ناظمها: إن بعض الصالحين رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام قال البدر: وأشك هل الشيخ أو غيره، وأنشده هذه القصيدة، فلما بلغ آخرها وهو ظني أنه يرضاها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: رضيناها، ورضيناها رضيناها).