الباب الثامن والعشرون في بلوغ هذا الخطب الجسيم إلى الصديق الكريم وثبوته في هذا الأمر روى البزار والبلاذري وبقي بن مخلد عن أبي هريرة وابن عباس، وأبو يعلى وأحمد برجال ثقات والطيالسي والترمذي في (الشمائل). - بإسناد حسن - عن عائشة والطبراني برجال ثقات عن عكرمة عن ابن عباس وإسحاق بن راهويه عن عكرمة وعبد بن حميد بسند صحيح عن سالم بن عبيد الصحابي، أن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - أرسلوه خلف أبي بكر وفي لفظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج يوم الاثنين قال له أبو بكر: يا رسول الله وفي لفظ:
(أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين خفيفا فقال أبو بكر: يا رسول الله: أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما تحب، واليوم يوم ابنة خارجة يعني: امرأته أفآتها قال: نعم، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع أبو بكر إلى أهله بالسنح فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجي بثوب وجاء عمر فاستأذن على عائشة ومعه المغيرة بن شعبة، فأذنت لهما ومدت الحجاب، فقال: عمر: يا رسول الله - فقالت: عائشة غشي عليه مذ ساعة، فكشف عن وجهه وقال: واغشياه ما أشد غشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ: دخل أبو بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يرواح بين حزنه ميلا وجعل يقول: وا نبياه وا صفياه ثم غطاه، ولم يتكلم المغيرة، فلما أن دنوا من عتبة الباب قال: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا عمر: فقال عمر: كذبت، ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لا يموت حتى يؤمر بقتال المنافقين، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى إلى ربه، وغاب عن قومه أربعين ليلة، والله ليرجعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم وألسنتهم، وتكلم حتى أزبد شدقاه: بل أنت امرؤ تحوشك فتنة وابن أم مكتوم في مؤخرة المسجد يقرأ و (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) [آل عمران 144] والناس يموجون ويبكون ولا يسمعون، فخرج عباس بن عبد المطلب على الناس فقال:
يا أيها الناس هل عند أحد منكم من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليحدثنا قالوا: لا. قال: هل عندك يا عمر من علم؟ قال: لا. فقال العباس: أشهد أيها الناس أن أحدا لا يشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعهد عهده إلي في وفاته، والله الذي لا إله إلا هو فقد ذاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموت، فادفنوا صاحبكم أيمت أحدكم إماتة ويميته إماتتين، هو أكرم على الله من ذلك فإن كان كما تقولون فليس على الله بعزيز أن عنه التراب فيخرجه إن شاء الله، ما مات حتى ترك السبيل نهجا واضحا، أحل الحلال وحرم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم، وما كان راعي غنم يتبع بها صاحبها رؤوس الجبال يخبط عليها العضاة بمخبطه يحدر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان فيكم، فذهب سالم بن