صاحبك وأبوك، فإنما يحسن هذا إذا وصف الصديق وفريق وعدو، لأنها صفة لفريق والحزب، لأن الصداقة والعدواة صفتان متضادتان، فإذا كان أحدهما على الفريق الواحد كان الآخر على ضدها، وكانت قلوب أحد الفريقين في تلك الصفة على قلب رجل واحد في عرف العادة، فحسن الإفراد وليس يلزم مثل هذا في القيام والقعود ونحوه حتى يقال: هو قائم أو قاعد كما يقال: هم لي صديق وعدو كما قدمناه من الاتفاق والاختلاف، وأهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد، وهذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تتضمن معنى التوحيد الذي يجب أن يكون آخر كلام المؤمن لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (مع الذين أنعم الله عليهم) [النساء: 69] وهم أصحاب الصراط المستقيم وهم أهل لا إله إلا الله، ويؤيد ذلك قول عائشة رضي الله تعالى عنها ب (ثم نصب يده).
وفي رواية عنها (فأشار بإصبعه).
وفي رواية: (اللهم الرفيق الأعلى) وأشار بإصبعه السبابة يريد التوحيد قاله السهيلي.
الباب العشرون في آخر صلاة صلاها بالناس - صلى الله عليه وسلم - روى البخاري والبلاذري عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن أمه أم الفضل قالت: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عاصب رأسه في مرضه بيته في ثوب واحد، قد توشح به، فصلى بنا المغرب، فقرأ بالمرسلات فما صلى لنا بعدها حتى لقي الله، أرادت فما صلى بعدها بالناس.
وروى البيهقي من طريقين، قال ابن كثير: وإسناده على شرط الصحيح عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: آخر صلاة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع القوم في ثوب واحد برد مخالفا بين طرفيه فلما أراد أن يقوم قال: ادع لي أسامة بن زيد فجاء فأسند ظهره إلى نحره فكانت آخر صلاة صلاها.
قال البيهقي: ففي هذا دلالة أن هذه الصلاة التي صلاها خلف أبي بكر كانت صلاة الصبح يوم الاثنين يوم الوفاة، لأنها آخر صلاة صلاها لما ثبت أنه توفي في ضحى يوم الاثنين.
قال ابن كثير: وهو تابع في ذلك ابن عقبة وعروة وهو قول ضعيف، بل هذا آخر صلاة صلاها مع القوم، ثم لا يجوز أن تكون هذه صلاة الصبح من يوم الاثنين يوم الوفاة، لأن تلك لم يصلها مع الجماعة، بل في بيته لما به من الضعف - عليه الصلاة والسلام - ويدل لذلك