الداء برأ بإذن الله تعالى، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وكذب بطن أخيك) إشارة إلى أن هذا الدواء نافع، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء، ولكن لكثرة المادة الفاسدة، فمن ثم أمره بمعاودة شرب العسل، قال ابن الجوزي: في وصفه - صلى الله عليه وسلم - العسل لهذا المنسهل أربعة أقوال:
أحدها: أنه حمل الآية على عمومها في الشفاء، وإلى هذا أشار بقوله: صدق الله أي في قوله تعالى (فيه شفاء للناس) فلما نبهه على هذه الحكمة، تلقاها بالقبول فشفي بإذن الله.
الثاني: أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم من التداوي بالعسل في الأمراض كلها.
الثالث: أن الموصوف له ذلك كانت به هيضة كما تقدم تقريره.
الرابع: يحتمل أن يكون أمره بطبخ العسل قبل شربه، فإنه يعقد البلغم فلعله شربه أولا بغير طبخ، قال الحافظ: والثاني والرابع ضعيفان ويؤيد الأول حديث ابن مسعود: عليكم بالشفاءين (العسل والقرآن)، رواه ابن ماجة والحاكم مرفوعا، وابن أبي شيبة والحاكم أيضا موقوفا ورجاله رجال الصحيح.
الباب الرابع والأربعون في علاجه - صلى الله عليه وسلم - القولنج روى أبو نعيم في الطب عن جبير بن مطعم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد سعيد بن العاص، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكمده بخرقة، زاد في رواية أخري: فيها ملح وسعيد مشوي حصل ذلك لرجل، فرأي الشيخ أبو محمد المرجاني النبي - صلى الله عليه وسلم - فأشار بهذا الدواء، وهو أن يأخذ ثلاثة دراهم من عسل النحل ووزن درهم ونصف من الزيت المرقي، وإحدى وعشرين حبة من الشونيز ويخلط الجميع ثم يفطر عليه، ويفعل مثله عند النوم، ويعمل له تلبينة وهي حساء يعمل من دقيق أو نخالة، وربما عمل فيها عسل، ويستعملها بعد أن يفطر على ذلك، ويكون غذاؤه مسلوقة الدجاج، أو لحم الضأن، ففعله فبرأ بعد أن أعيى الأطباء.
تنبيه: الزيت المرقي، صفته أن يأخذ شيئا من الزيت الطيب، ويجعله في إناء نظيف ويحركه، ويعود ويقرأ عليه سورة الإخلاص والمعوذتين (ولقد جاءكم رسول من أنفسكم) إلى آخر السورة.