الباب الثاني عشر في صلاته في قبره وكذلك سائر الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - قال الإمام جمال الدين الأردبيلي في (الأنوار) في الفقه والأنبياء.
روى أبو نعيم والبيهقي عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون).
وروى أبو نعيم في (الحلية) عن يوسف بن عطية قال: سمعت ثابتا يقول لحميد الطويل: هل بلغك أن أحدا يصلي في قبره إلا الأنبياء؟ قال: لا.
وروى مسلم عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى اله عليه وسلم - ليلة أسرى به مر على موسى - عليه الصلاة والسلام - وهو قائم يصلي في قبره.
وروى أبو نعيم في (الحلية) عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبر موسى - عليه الصلاة والسلام - وهو قائم يصلي فيه.
تنبيهات الأول: قال العلامة جمال الدين محمود بن جملة: وهذا الحديث صريح في إثبات الحياة لموسى - صلى الله عليه وسلم - فإنه وصفه بالصلاة وذكر أنه كان قائما ومثل هذا لا يوصف به الروح فقط، وإنما يوصف به مع الجسد فإنه لا يقوم يصلي إلا بعودة الروح إليه، فتلك كرامة عظيمة فإنه يفسح له في قبره فيكون عمله في العبادة متصل بعد وفاته وهذه الرواية رؤية عين، لأن مذهب أهل السنة أن الإسراء كان بالجسد، وإن سلم أنه بالروح فرؤية الأنبياء حق لا شك فيها.
الثاني: إن قيل: إن الصلاة من أعمال الدنيا فكيف يصلي من فارق الدنيا أجيب بأن الصلاة هنا قد تكون بمعنى الدعاء والذكر وهو من أعمال الآخرة.
الثالث: روى ابن أبي بشر عن شيبان بن جسر عن أبيه قال: كنت فيمن أدخل ثابت البناني في قبره فرفعت لبنة أصلحها فإذا بالقبر وفيه ثابت يصلي، فطبقت اللبنة، ثم سألت أهله فقلت أخبروني ما كان ثابت يسأل ربه عز وجل؟ فقالت: كان يقول: اللهم، إن كنت أعطيت أحدا الصلاة في قبره فأعطيني ذلك وجاءت هذه الحكاية من غير وجه، والله تعالى أعلم.