وروى الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن سابط وبريدة قال: اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العذرة حتى صدعته ورئي ذلك عليه فأتاه جبريل فقال: إن ربك أرسلني إليك لأرقيك فحل النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه فقال: بسم الله أرقيك من كل سوء (1) يؤذيك، ومن شر كل عين، وكل حاسد أرقيك قال: فرددها عليه ثلاث مرات فبرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2).
وروى البخاري عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة وعليكم بالقسط) (3).
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
العذرة: بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة: وجع في الحلق يهيج في الحلق يعتري الصبيان غالبا وقيل: هي قرحة تخرج بين الأذن والحلق وفي الخرم الذي بين الأنف والحلق وهو الذي يسمي سقوط اللهاة، وقيل: هو اسم اللهاة والمراد وجعها يسمي باسمها، وقيل: موضع قريب من اللهاة، واللهاة بفتح اللام اللحمة التي في أقصى الحلق.
تدغرن: بالغين المعجمة والدال المهملة والدغر غمز الحلق.
الغمر: بمعجمة وزاي رفع اللهاة بالأصابع.
العود الهندي [...].
(القسط بقاف مضمومة وقد تبدل القاف بالكاف والطاء بالتاء من عقاقير البحر طيب الرائحة، وهو إن كان حارا، والعذرة إنما تعرض في زمن الحر بالصبيان وأمزجتهم حارة لا سيما وقطر الحجاز حار، فإن مادة العذرة دم يغلب عليه البلغم وفي القسط تخفيف للرطوبة، وقد يكون نفعه في هذا الداء بالخاصية، وأيضا فالأدوية الحارة قد تنفع من الأمراض الحارة بالعرض كثيرا، بل وبالذات أيضا، وأطبق الأطباء على أنه يدر الطمث والبول ويدفع السموم والمؤذيات والمهلكات، ويحرك شهوة الجماع ويقتل الديان في الأمعاء، ويذهب الكلف إذا طلي به، ويسخن المعدة، وينفع من حمى الربع، ويشد اللهاة، ويرفعها إلى مكانها، وكانوا يعالجون أولادهم بغمز اللهاة وبالعلاق وهي شئ يعقلونه على الصبيان، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وأرشدهم إلى ما هو أنفع للأطفال وأسهل عليهم.
السعوط - بضم السين، وضم العين المهملتين، ما يصيب من الأنف واللدود: ما يصب في أحد جانبي الفم، والوجور ما يصب في وسطه.