وللناس في هذا الحديث مذاهب ليس هذا موضعها، وما ذكرناه هو مذهب الجمهور، والصواب إن شاء الله. وإن ذلك على طريق تعظيمه وتوقيره، وعلى سبيل الندب والاستحباب، لا على التحريم، ولذلك لم ينه عن اسمه، لأنه قد كان الله منع من ندائه به بقوله: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا)، وإنما كان المسلمون يدعونه برسول الله، وبنبي الله، وقد يدعوه - بكنيته أبا القاسم - بعضهم في بعض الأحوال.
وقد روى أنس رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وسلم، ما يدل على كراهة التسمي باسمه، وتنزيهه عن ذلك، إذا لم يوقر، فقال: تسمون أولادكم محمدا ثم تلعنونهم.
وروي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الكوفة: لا يسمى أحد باسم النبي صلى الله عليه وسلم، حكاه أبو جعفر الطبري.
[وحكى محمد بن سعد أنه نظر إلى رجل اسمه محمد، ورجل يسبه ويقول له: فعل الله بك يا محمد وصنع. فقال عمر لابن أخيه محمد بن زيد بن الخطاب: لا أرى محمدا صلى الله عليه وسلم يسب بك، والله لا تدعى محمدا ما دمت حيا، وسماه عبد الرحمن، وأراد أن يمنع أن يسمى أحد بأسماء الأنبياء إكراما لهم بذلك، وغير أسماء جماعة تسموا بأسماء الأنبياء، ثم أمسك].
والصواب جواز هذا كله بعده صلى الله عليه وسلم، بدليل إطباق الصحابة على ذلك.
وقد سمى جماعة منهم ابنه محمدا، وكناه بأبي القاسم.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في ذلك لعلي رضي الله عنه.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك اسم المهدي وكنيته.
[وقد سمى به النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن طلحة، ومحمد بن عمرو بن حزم، ومحمد بن ثابت بن قيس، وغير واحد، وقال: ما ضر أحدكم أن يكون في بيته محمد ومحمدان وثلاثة].