وعن أنس، عنه صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة.
وفي حديث آخر: إذا أحب الله عبدا ابتلاه ليسمع تضرعه.
وحكى السمرقندي أن كل من كان أكرم على الله تعالى كان بلاؤه أشد كي يتبين فضله، ويستوجب الثواب، كما روي عن لقمان أنه قال: يا بني، الذهب والفضة يختبران بالنار، والمؤمن يختبر بالبلاء.
وقد حكي أن ابتلا يعقوب بيوسف كان سببه التفاته في صلواته إليه، ويوسف نائم محبة له.
وقيل: بل اجتمع يوما هو وابنه يوسف على أكل حمل مشوي، وهما يضحكان، وكان لهم جار يتيم، فشم ريحه واشتهاه وبكى، وبكت جدة له عجوز لبكائه، وبينهما جدار، ولا علم عند يعقوب وابنه، فعوقب يعقوب بالبكاء أسفا على يوسف إلى أن سألت حدقتاه، وابيضت عيناه من الحزن. فلما علم بذلك كان بقية حياته يأمر مناديا ينادي على سطحه: ألا من كان مفطرا فليتغد عند آل يعقوب.
وعوقب يوسف بالمحنة التي نص الله عليها.
وروي عن الليث أن سبب بلاء أيوب أنه دخل مع أهل قريته على ملكهم، فكلموه في ظلمه، وأغلظوا له إلا أيوب، فإنه رفق به مخافة على زرعه، فعاقبة الله ببلائه.
ومحنة سليمان لما ذكرناه من نيته في كون الحق في جنبه أصهاره، أو للعمل بالمعصية في داره، ولا علم عنده.
وهذه فائدة شدة المرض والوجع بالنبي صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة: رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن عبد الله: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، يوعك وعكا شديدا، فقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا! قال: أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم. قلت: ذلك أن الأجر مرتين، قال: أجل، ذلك كذلك.
وفي حديث أبي سعيد أن رجلا وضع يده على النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: والله ما أطيق أضع يدي عليك من شدة حماك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء، إن كان النبي ليبتلي بالقمل حتى يقتله، وإن كان النبي ليبتلى بالفقر، وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء.