وقال مالك في كتاب ابن حبيب، والمبسوط، وابن القاسم، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ - فيمن شتم نبينا من أهل الذمة أو أحدا من الأنبياء عليهم السلام قتل إلا أن يسلم، وقاله ابن القاسم في العتبية، وعند محمد، وابن سحنون.
وقال سحنون وأصبغ: لا يقال له: أسلم، ولا لا تسلم، ولكن إن أسلم فذلك له توبة وفي كتاب محمد: أخبرنا أصحاب مالك أنه قال: من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الأنبياء من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب.
وروي لنا عن مالك: إلا أن يسلم الكافر.
وقد روى ابن وهب، عن ابن عمر - أن راهبا تناول النبي صلى الله عليه وسلم! فقال ابن عمر: فهلا قتلتموه!
وروى عيسى عن ابن القاسم في ذمي قال: إن محمدا لم يرسل إلينا، إنما أرسل إليكم، وإنما نبينا موسى أو عيسى، ونحو هذا: لا شئ عليهم، لأن الله تعالى أقرهم على مثله.
وأما إن سبه فقال: ليس بنبي، أو لم يرسل، أو لم ينزل عليه قرآن، إنما هو شئ تقوله أو نحو هذا فيقتل.
وقال ابن القاسم: وإذا قال النصراني: ديننا خير من دينكم، وإنما دينكم دين الحمير، ونحو هذا من القبيح، أو سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله، فقال: كذلك يعطيكم الله، ففي هذا الأدب الموجع والسجن الطويل.
قال: وأما إن شتم النبي صلى الله عليه وسلم شتما يعرف فإنه يقتل إلا أن يسلم، قاله مالك غير مرة، ولم يقل: يستتاب.
قال ابن القاسم: ومحمل قوله عندي إن أسلم طائعا.
وقال ابن سحنون في سؤالات سليمان بن سالم في اليهودي يقول للمؤذن إذا تشهد:
كذبت - يعاقب العقوبة الموجعة مع السجن الطويل.
وفي النوادر من رواية سحنون عنه: من شتم الأنبياء من اليهود والنصارى بغير الوجه الذي به كفروا ضربت عنقه إلا أن يسلم.
قال محمد بن سحنون: فإن قيل: لم قتلته في سب النبي صلى الله عليه وسلم ومن دينه سبه وتكذيبه؟
قيل: لأنا لم نعطهم العهد على ذلك، ولا على قتلنا، وأخذ أموالنا، فإذا قتل واحدا منا قتلناه، وإن كان من دينه استحلاله، فكذلك إظهاره لسب نبينا صلى الله عليه وسلم.
قال سحنون: كما لو بذل هنا أهل الحرب الجزية على إقرارهم على سبه لم يجز لنا ذلك في قول قائل.