قال ابن إسحاق: ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما أصيب منهم ومظاهرة قريش بني بكر عليهم، ثم انصرفوا راجعين حتى لقوا أبا سفيان بعسفان قد بعثته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا للذي صنعوا، فلما لقي أبو سفيان بديلا قال: من أين أقبلت يا بديل؟ وظن أنه قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
سرت في خزاعة في هذا الساحل في بطن هذا الوادي. قال: فعمد أبو سفيان إلى مبرك ناقته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى. فقال: أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا.
ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته، فقال:
يا بنية ما أدرى أرغبت بي عن هذا الفراش أو رغبت به عنى؟ فقالت: هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراشه. فقال:
يا بنية والله لقد أصابك بعدي شر!
ثم ذهب إلى أبى بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أنا بفاعل. ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال عمر: أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم! فوالله لو لم أجد لكم إلا الذر (1) لجاهدتكم به. ثم خرج فدخل على على ابن أبي طالب وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندها حسن غلام يدب بين يديهما، فقال: يا علي إنك أمس القوم بي رحما وأقربهم منى قرابة، وقد جئت في حاجة، فلا أرجعن كما جئت خائبا، فاشفع لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ويحك أبا سفيان! والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه. فالتفت إلى فاطمة فقال: يا بنت محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس