ما عدا أن رجعت راجعني القر وجعلت أقرقف، فأومأ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وهو يصلى، فدنوت منه فأسبل على شملته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى. فأخبرته خبر القوم، أخبرته أنى تركتهم يرحلون. قال: وأنزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا " يعنى الآيات كلها إلى قوله: " ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا " أي صرف الله عنهم عدوهم بالريح التي أرسلها عليهم والجنود من الملائكة وغيرهم التي بعثها الله إليهم " وكفى الله المؤمنين القتال " أي لم يحتاجوا إلى منازلتهم ومبارزتهم بل صرفهم القوى العزيز بحوله وقوته.
لهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا إله إلا الله وحده، صدق وعده ونصره عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شئ بعده ".
* * * وفى قوله: " وكفى الله المؤمنين القتال " إشارة إلى وضع الحرب بينهم وبينهم.
وهكذا وقع، ولم ترجع قريش بعدها إلى حرب المسلمين، كما قال محمد بن إسحاق رحمه الله: فلما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا:
" لن تغزوكم قريش بعد عامكم ولكنكم تغزونهم ".
قال: فلم تغز قريش بعد ذلك، وكان يغزوهم بعد ذلك حتى فتح الله عليه مكة.
وهذا بلاغ من ابن إسحاق.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن سفيان، حدثني أبو إسحاق، سمعت سليمان ابن صرد رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن نغزوهم ولا يغزوننا.