قال عوف: فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر وهو يصلى في بيته، فسلمت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عوف بن مالك؟ " فقلت:
عوف بن مالك يا رسول الله. قال: " صاحب الجزور؟ " قلت: نعم. ولم يزد على هذا بعد ذلك شيئا. ثم قال: " أخبرني " فأخبرته بما كان من مسيرنا وما كان بين أبى عبيدة وعمرو ومطاوعة أبى عبيدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح ".
قال: ثم أخبرته أن عمرا صلى بالناس وهو جنب ومعه ماء، لم يزد على أن غسل فرجه وتوضأ. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما قدم عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن صلاته فأخبره فقال: والذي بعثك بالحق إني لو اغتسلت لمت، لم أجد بردا قط مثله، وقد قال تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ".
قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغنا أنه قال شيئا.
* * * وقال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنت في الغزوة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص، وهي غزوة ذات السلاسل، فصحبت أبا بكر وعمر، فمررت بقوم وهم على جزور قد نحروها وهم لا يقدرون على أن يبعضوها، وكنت امرءا جازرا، فقلت لهم: تعطوني منها عشرا (1) على أن أقسمها بينكم؟ قالوا: نعم. فأخذت الشفرة فجزأتها مكاني، وأخذت منها جزءا فحملته إلى أصحابي فاطبخناه وأكلناه، فقال أبو بكر وعمر: أنى لك