مرة هاهنا ومرة هاهنا، فما يرتفع له شئ إلا أتاه، فلما أمسى جاءنا إلى الأطم، قلت: يا أبت رأيتك اليوم وما تصنع. قال: ورأيتني يا بني؟ قلت: نعم. قال: فدى لك أبى وأمي!
* * * قال ابن إسحاق: وحدثني أبو ليلى، عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري أخو بني حارثة، أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق، وكان من أحرز حصون المدينة. قال: وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن. قالت عائشة. وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب. قالت: فمر سعد وعليه درع مقلصة قد خرجت منها ذراعه كلها، وفى يده حربته يرفل بها ويقول:
لبث قليلا يشهد الهيجا حمل (1) * لا بأس بالموت إذا حان الاجل!
فقالت له أمه: الحق بني فقد والله أخرت. قالت عائشة: فقلت لها: يا أم سعد والله لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي. قالت: وخفت عليه حيث أصاب السهم منه. فرمى سعد بن معاذ بسهم فقطع منه الأكحل.
قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: رماه حبان بن قيس بن العرقة أحد بني عامر بن لؤي، فلما أصابه قال: خذها منى وأنا ابن العرقة. فقال له سعد: عرق الله وجهك في النار، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهد من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه. اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.