قلت: وقد ذكر ابن إسحاق أن قطبة بن قتادة العذري - وكان رأس ميمنة المسلمين - حمل على مالك بن زافلة قال ابن هشام (1): ويقال رافلة. وهو أمير أعراب النصارى فقتله، وقال يفتخر بذلك:
طعنت ابن زافلة بن الأراش * برمح مضى فيه ثم انحطم ضربت على جيده ضربة * فمال كما مال غصن السلم وسقنا نساء بني عمه * غداة رقوقين سوق النعم (2) وهذا يؤيد ما نحن فيه، لان من عادة أمير الجيش إذا قتل أن يفر أصحابه، ثم إنه صرح في شعره بأنهم سبوا من نسائهم، وهذا واضح فيما ذكرناه. والله أعلم.
* * * وأما ابن إسحاق فإنه ذهب إلى أنه لم يكن إلا المخاشاة والتخلص من أيدي الروم، وسمى هذا نصرا وفتحا، أي باعتبار ما كانوا فيه من إحاطة العدو بهم وتراكمهم وتكاثرهم وتكاثفهم عليهم، وكان مقتضى العادة (3) أن يصطلموا (4) بالكلية، فلما تخلصوا منهم وانحازوا عنهم كان هذا غاية المرام في هذا المقام.
وهذا محتمل، لكنه خلاف الظاهر من قوله عليه الصلاة والسلام: " ففتح الله عليهم ".
والمقصود أن ابن إسحاق يستدل على ما ذهب إليه فقال: وقد قال فيما كان أمر الناس وأمر خالد بن الوليد ومخاشاته بالناس وانصرافه بهم قيس بن المحسر اليعمري يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس يقول:
فوالله لا تنفك نفسي تلومني * على موقفي والخيل قابعة قبل (5)