فتح الحصن، فأبين، فقال لهما أبو الأسود بن مسعود: ألا أدلكما على خير مما جئتما له؟
إن مال أبى الأسود حيث قد علمتما. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلا بواد يقال له العقيق، وهو بين مال بني الأسود وبين الطائف، وليس بالطائف مال أبعد رشاء (1) ولا أشد مؤنة ولا أبعد عمارة منه، وإن محمدا إن قطعه لم يعمر أبدا، فكلماه فليأخذه لنفسه أو ليدعه لله وللرحم.
فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه لهم.
وقد روى الواقدي عن شيوخه نحو هذا وعنده أن سلمان الفارسي هو الذي أشار بالمنجنيق وعمله بيده. وقيل قدم به وبدبابتين فالله أعلم.
وقد أورد البيهقي من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة، أن عيينة بن حصن استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يأتي أهل الطائف فيدعوهم إلى الاسلام فأذن له، فجاءهم فأمرهم بالثبات في حصنهم وقال: لا يهولنكم قطع ما قطع من الأشجار في كلام طويل.
فلما رجع قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما قلت لهم "؟ قال: دعوتهم إلى الاسلام وأنذرتهم النار وذكرتهم بالجنة. فقال: " كذبت بل قلت لهم كذا وكذا " فقال: صدقت يا رسول الله، أتوب إلى الله وإليك من ذلك.
وقد روى البيهقي، عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس ابن بكير، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان ابن أبي طلحة، عن ابن أبي نجيح السلمي، وهو عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الطائف فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من بلغ بسهم فله درجة في الجنة " فبلغت يومئذ ستة عشر سهما.