فقالت طائفة من العلماء: الذين أخروا الصلاة يومئذ عن وقتها المقدر لها حتى صلوها في بني قريظة هم المصيبون، لان أمرهم يومئذ بتأخير الصلاة خاص، فيقدم على عموم الامر بها في وقتها المقدر لها شرعا.
قال أبو محمد بن حزم الظاهري في كتاب السيرة: وعلم الله أنا لو كنا هناك لم نصل العصر إلا في بني قريظة ولو بعد أيام!
وهذا القول منه ماش على قاعدته الأصلية في الاخذ بالظاهر.
وقالت طائفة أخرى من العلماء: بل الذين صلوا الصلاة في وقتها لما أدركتهم وهم في مسيرهم هم المصيبون، لأنهم فهموا أن المراد إنما هو تعجيل السير إلى بني قريظة لا تأخير الصلاة، فعملوا بمقتضى الأدلة الدالة على أفضلية الصلاة في أول وقتها، مع فهمهم عن الشارع ما أراد، ولهذا لم يعنفهم ولم يأمرهم بإعادة الصلاة في وقتها التي حولت إليه يومئذ كما يدعيه أولئك، وأما أولئك الذين أخروا فعذروا بحسب ما فهموا، وأكثر ما كانوا يؤمرون بالقضاء وقد فعلوه.
وأما على قول من يجوز تأخير الصلاة لعذر القتال، كما فهمه البخاري حيث احتج على ذلك بحديث ابن عمر المتقدم في هذا، فلا إشكال على من أخر ولا على من قدم أيضا. والله أعلم.
* * * ثم قال ابن إسحاق: وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ومعه رايته وابتدرها الناس.
وقال موسى بن عقبة في مغازيه عن الزهري: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغتسله كما يزعمون قد رجل أحد شقيه أتاه جبريل على فرس عليه لامته حتى وقف بباب المسجد عند موضع الجنائز، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له جبريل: