ولا يدخل ذلك في النهي عن قتل الحيوان عبثا. قال ابن هشام: وحدثني من أثق به من أهل العلم أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء، ويقال: إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه نصفين.
* * * قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف، قال: فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ويقول:
أقسمت يا نفس لتنزلنه * لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه * ما لي أراك تكرهين الجنة!
قد طال ما قد كنت مطمئنه * هل أنت إلا نطفة في شنه وقال أيضا:
يا نفس إن لا تقتلي تموتي * هذا حمام الموت قد صليت وما تمنيت فقد أعطيت * إن تفعلي فعلهما هديت يريد صاحبيه زيدا وجعفرا، ثم نزل. فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم، فقال:
شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت. فأخذه من يده فانتهش منه نهشة. ثم سمع الحطمة (1) في ناحية الناس فقال: وأنت في الدنيا! ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه ثم تقدم، فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.
قال: ثم أخذ الراية ثابت ين أقرم أخو بني العجلان. فقال: يا معشر المسلمين