وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في العسكر فكبرا وشدا معي.
فوالله إنا كذلك ننتظر أن نرى غرة أو نرى شيئا وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء، وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم وتخوفوا عليه، فقام صاحبهم رفاعة بن قيس فأخذ سيفه فجعله في عنقه فقال: والله لأتيقنن أمر راعينا ولقد أصابه شر، فقال نفر ممن معه: والله لا تذهب نحن نكفيك. فقال: لا إلا أنا. قالوا:
نحن معك. فقال: والله لا يتبعني منكم أحد. وخرج حتى مر بي، فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلم فوثبت إليه فاحتززت رأسه، ثم شددت ناحية العسكر وكبرت وشد صاحباي وكبرا، فوالله ما كان إلا النجا ممن كان فيه عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خف معهم من أموالهم، واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معي، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي فجمعت إلى أهلي.
السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الأضبط قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن ابن عبد الله (1) بن أبي حدرد، عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم في نفر من المسلمين منهم، أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم بن جثامة بن قيس، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع له ووطب (2) من لبن، فسلم علينا بتحية الاسلام فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشئ كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه الخبر فنزل فينا القرآن " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم