فأعدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه. فأرسلوا إليهم: إن اليوم يوم السبت، وهم يوم لا نعمل فيه شيئا، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا فأصابهم ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا، فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ولا طاقة لنا بذلك منه.
فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة قالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق. فأرسلوا إلى بني قريظة: إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا. فقالت بنو قريظة حين انتهت إليهم الرسل بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن تقاتلوا فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم. فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله ما نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا.
فأبوا عليهم وخذل الله بينهم وبعث الله الريح في ليلة (1) شاتية شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح آنيتهم.
* * * وهذا الذي ذكره ابن إسحاق من قصة نعيم بن مسعود أحسن مما ذكره موسى بن عقبة.
وقد أورده عنه البيهقي في الدلائل، فإنه ذكر ما حاصله: أن نعيم بن مسعود كان يذيع ما يسمعه من الحديث، فاتفق أنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم