وصبت عليهم محصدات كأنها * شآبيب قطر في ذرا المزن تسفح (1) وقد ذكر ابن إسحاق أن حسان بن ثابت قال شعرا يهجو فيه صفوان بن المعطل وجماعة من قريش ممن تخاصم على الماء (2) من أصحاب جهجهاه كما تقدم أوله هي:
أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا * وابن الفريعة أمسى بيضة البلد (3) قد ثكلت أمه من كنت صاحبه * أو كان منتشبا في برثن الأسد ما لقتيلي الذي أغدو فآخذه * من دية فيه يعطاها ولا قود ما البحر حين تهب الريح شامية * فيغطئل ويرمى العبر بالزبد (4) يوما بأغلب مني حين تبصرني * ملغيظ أفرى كفري العارض البرد (5) أما قريش فإني لا أسالمها * حتى ينيبوا من الغيات للرشد ويتركوا اللات والعزى بمعزلة * ويسجدوا كلهم للواحد الصمد ويشهدوا أن ما قال الرسول لهم * حق فيوفوا بحق الله والوكد (6) قال: فاعترضه صفوان بن المعطل فضربه بالسيف وهو يقول:
تلق ذباب السيف عني فإنني * غلام إذا هو جيت لست بشاعر وذكر أن ثابت بن قيس بن شماس أخذ صفوان حين ضرب حسان فشده وثاقا، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟ فقال: ضرب حسان بالسيف. فقال عبد الله:
هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ من ذلك؟ قال: لا. فأطلقه ثم أتوا كلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن المعطل: يا رسول الله آذاني وهجاني فاحتملني