عشاء، فأشار إليه أن تعال. فجاء فقال: ما وراءك؟ فقال: إنه قد بعثت قريش وغطفان إلى بني قريظة يطلبون منهم أن يخرجوا إليهم فيناجزوك، فقالت قريظة: نعم فأرسلوا إلينا بالرهن. وقد ذكر فيما تقدم: أنهم إنما نقضوا العهد على يدي حيى بن أخطب بشرط أن يأتيهم برهائن تكون عندهم توثقة.
قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني مسر إليك شيئا فلا تذكره.
قال: إنهم قد أرسلوا إلى يدعونني إلى الصلح وأرد بني النضير إلى دورهم وأموالهم.
فخرج نعيم بن مسعود عامدا إلى غطفان. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحرب خدعة وعسى أن يصنع الله لنا ".
فأتى نعيم غطفان وقريشا فأعلمهم، فبادر القوم وأرسلوا إلى بني قريظة عكرمة وجماعة معه، واتفق ذلك ليلة السبت، يطلبون منهم أن يخرجوا للقتال معهم فاعتلت اليهود بالسبت، ثم أيضا طلبوا الرهن توثقة فأوقع الله بينهم واختلفوا.
قلت: وقد يحتمل أن تكون قريظة لما يئسوا من انتظام أمرهم مع قريش وغطفان بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون منه الصلح على أن يرد بني النضير إلى المدينة. والله أعلم.
* * * قال ابن إسحاق: فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم وما فرق الله من جمعهم، دعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلا.
قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي. قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كد نجتهد. قال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشى على الأرض ولحملناه على أعناقنا!