فلما أن سمع ذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر حينئذ عهدا وذمة لا أفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب إليه صخر: أما بعد فإن ثقيفا قد نزلت على حكمك يا رسول الله وأنا مقبل بهم وهم في خيلي.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة فدعا لأحمس عشر دعوات: " اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها ".
وأتى القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا رسول الله إن صخرا أخذ عمتي ودخلت فيما دخل فيه المسلمون فدعاه فقال: " يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته " فدفعها إليه.
وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء لبني سليم قد هربوا عن الاسلام وتركوا ذلك الماء، فقال: يا رسول الله أنزلنيه أنا وقومي. قال: " نعم " فأنزله وأسلم - يعنى الأسلميين، فأتوا صخرا فسألوه أن يدفع إليهم الماء فأبى، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله أسلمنا وأتينا صخرا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا. فقال: " يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم فادفع إليهم ماءهم " قال: نعم يا نبي الله.
فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة، حياء من أخذه الجارية وأخذه الماء!
تفرد به أبو داود وفى إسناده اختلاف.
قلت: وكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يؤخر الفتح عامئذ لئلا يستأصلوا قتلا، لأنه قد تقدم أنه عليه السلام لما كان خرج إلى الطائف فدعاهم إلى الله تعالى وإلى أن يؤووه حتى