لي الحلاق " فجئ بالحلاق فحلق رؤوسنا، ثم قال: " أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي " ثم أخذ بيدي فأشالها (1) وقال: " اللهم اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه " قالها ثلاث مرات. قال: فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا وجعلت تفرح (2) له فقال: " العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟ ".
وهذا يقتضى أنه عليه الصلاة والسلام أرخص لهم في البكاء ثلاثة أيام ثم نهاهم عنه بعدها ولعله معنى الحديث الذي رواه الإمام أحمد من حديث الحكم بن عبد الله ابن شداد، عن أسماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها لما أصيب جعفر:
" تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت ".
تفرد به أحمد.
فيحتمل أنه أذن لها في التسلب، وهو المبالغة في البكاء وشق الثياب، ويكون هذا من باب التخصيص لها بهذا لشدة حزنها على جعفر أبى أولادها، وقد يحتمل أن يكون أمرا لها بالتسلب وهو المبالغة في الاحداد ثلاثة أيام، ثم تصنع بعد ذلك ما شاءت مما يفعله المعتدات على أزواجهن من الاحداد المعتاد. والله أعلم. ويروى: تسلى ثلاثا - أي تصبري - وهذا بخلاف الرواية الأخرى والله أعلم.
فأما الحديث الذي قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن طلحة، حدثنا الحكم بن عيينة، عن عبد الله بن شداد عن أسماء بنت عميس، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم الثالث من قتل جعفر فقال: لا تحدى بعد يومك هذا. فإنه من أفراد أحمد أيضا وإسناده لا بأس به، ولكنه مشكل إن حمل على ظاهره، لأنه قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله