فصل قال ابن إسحاق: وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم، حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن دماءهم. ففعل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق والنطاة والكتيبة وجميع حصونهم، إلا ما كان من ذينك الحصنين، فلما سمع [بهم] أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسيرهم ويحقن دماءهم ويخلوا له الأموال ففعل.
وكان ممن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود أخو بني حارثة.
فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها. فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم. وعامل أهل فدك بمثل ذلك.
فصل في فتح حصونها وقسمة أرضها.
قال الواقدي: لما تحولت اليهود من حصن ناعم وحصن الصعب بن معاذ إلى قلعة الزبير حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، فجاء رجل من اليهود يقال له عزال فقال: يا أبا القاسم تؤمنني على أن أدلك على ما تستريح به من أهل النطاة وتخرج إلى أهل الشق، فإن أهل الشق قد هلكوا رعبا منك؟
قال: فأمنه رسول الله على أهله وماله فقال له اليهودي: إنك لو أقمت شهرا تحاصرهم ما بالوا بك، إن لهم تحت الأرض دبولا (1) يخرجون بالليل فيشربون منها ثم يرجعون إلى قلعتهم.