فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟ فقالت: والله ما بلغ بني ذلك أن يجير بين الناس وما يجير أحد على النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت على فانصحني. قال: والله ما أعلم شيئا يغنى عنك، ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك. فقال:
أو ترى ذلك مغنيا عنى شيئا؟ قال: لا والله ما أظن، ولكن لا أجد لك غير ذلك.
فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس إني قد أجرت بين الناس. ثم ركب بعيره فانطلق، فلما أن قدم على قريش قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدا فكلمته، فوالله ما رد على شيئا، ثم جئت ابن أبي قحافة فوالله ما وجدت فيه خيرا، ثم جئت عمر فوجدته أعدى عدو، ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم، وقد أشار على بأمر صنعته فوالله ما أدرى هل يغنى عنا شيئا أم لا؟ قالوا: بماذا أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس ففعلت: قالوا: هل أجاز ذلك محمد؟ قال: لا. قالوا: ويحك ما زادك الرجل على أن لعب بك فما يغنى عنا ما قلت. فقال: لا والله ما وجدت غير ذلك.
[فائدة ذكرها السهيلي. فتكلم على قول فاطمة في هذا الحديث: " وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم " على ما جاء في الحديث: " ويجير على المسلمين أدناهم " قال: وجه الجمع بينهما بأن المراد بالحديث من يجير واحدا أو نفرا يسيرا، وقول فاطمة:
فمن يجير عددا من غزو الامام إياهم فليس له ذلك. قال: كان سحنون وابن الماجشون يقولان: إن أمان المرأة موقوف على إجازة الامام لقوله لام هانئ: " قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ " قال: ويروى هذا عن عمرو بن العاص وخالد بن الوليد. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أمان العبد وفى قوله عليه السلام: " ويجير عليهم أدناهم " ما يقتضى دخول العبد والمرأة. والله أعلم] (1).