سلمة، فجعل يبتسم فسألته أم سلمة فأخبرها بتوبة الله على أبى لبابة، فاستأذنته أن تبشره فأذن لها، فخرجت فبشرته، فثار الناس إليه يبشرونه، وأرادوا أن يحلوه من رباطه فقال: والله لا يحلني منه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفجر حله من رباطه رضي الله عنه وأرضاه.
* * * قال ابن إسحاق: ثم إن ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد، وهم نفر من بني هدل ليسوا من بني قريظة ولا النضير، نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم، أسلموا في تلك الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظي فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم محمد بن مسلمة تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟ قال: أنا عمرو بن سعدى. وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لا أغدر بمحمد أبدا. فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام. ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب لم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا فذكر شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك رجل نجاه الله بوفائه.
قال: وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة، فأصبحت رمته ملقاة ولم يدر أين ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة. والله أعلم أي ذلك كان.
قال ابن إسحاق: فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتواثبت الأوس فقالوا: يا رسول الله إنهم كانوا موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت، يعنون عفوه عن بني قينقاع حين سأله فيهم عبد الله ابن أبي. كما تقدم.