وانصرنا على القوم الكافرين. فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين. يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين. بل الله مولاكم وهو خير الناصرين. سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين " (1).
وقد تكلمنا على ذلك مستقصى في كتابنا التفسير ولله الحمد.
وقد خطب الصديق رضي الله عنه في أول مقام قامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا هذه الآية: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " الآية. قال: فكأن الناس لم يسمعوها قبل ذلك، فما من الناس أحد إلا يتلوها.
وروى البيهقي في دلائل النبوة من طريق ابن أبي نجيح، عن أبيه قال: مر رجل من المهاجرين يوم أحد على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه. فقال له: يا فلان، أشعرت أن محمدا قد قتل، فقال الأنصاري: إن كان محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل فقد بلغ الرسالة فقاتلوا عن دينكم!
فنزل: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " الآية.
ولعل هذا الأنصاري هو أنس بن النضر رضي الله عنه، وهو عم أنس بن مالك.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حميد، عن أنس، أن عمه غاب عن قتال بدر، فقال غبت عن أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين، لئن الله أشهدني قتالا للمشركين ليرين ما أصنع.
فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أعتذر إليك عما صنع