إليه خالد بن الوليد فأخذ من السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى ولكني استكثرته. فقلت:
لتردنه إليه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يرد عليه.
قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا خالد رد عليه ما أخذت منه " قال عوف: فقلت: دونك يا خالد ألم أف لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وما ذاك؟ فأخبرته، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " يا خالد لا ترد عليه، هل أنتم تاركوا أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره ".
قال الوليد: سألت ثورا عن هذا الحديث، فحدثني عن خالد بن معدان، عن جبير ابن نفير، عن عوف بنحوه.
ورواه مسلم وأبو داود من حديث جبير بن نفير عن عوف بن مالك به نحوه.
وهذا يقتضي أنهم غنموا منهم وسلبوا من أشرافهم وقتلوا من أمرائهم.
وقد تقدم فيما رواه البخاري أن خالدا رضي الله عنه قال: اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، وما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية.
وهذا يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلا، ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم. وهذا وحده دليل مستقل والله أعلم. وهذا هو اختيار موسى بن عقبة والواقدي والبيهقي، وحكاه ابن هشام عن الزهري.
قال البيهقي رحمه الله: اختلف أهل المغازي في فرارهم وانحيازهم، فمنهم من ذهب إلى ذلك ومنهم من زعم أن المسلمين ظهروا على المشركين وأن المشركين انهزموا.
قال: وحديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ثم أخذها خالد ففتح الله عليه " يدل على ظهورهم عليهم. والله أعلم.