ما دون أخذهن قليل ولا كثير، إذ مالت الرماة على العسكر حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل، فأتينا من خلفنا، وصرخ وصارخ: ألا إن محمدا قد قتل.
فانكفأنا وانكفأ القوم علينا، بعد أن أصبنا أصحاب اللواء، حتى ما يدنو منه أحد منهم.
فحدثني بعض أهل العلم، أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلاثوا به، وكان اللواء مع صواب، غلام لبني أبى طلحة حبشي، وكان آخر من أخذه منهم، فقاتل به حتى قطعت يداه، ثم برك عليه، فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول: اللهم هل أعزرت. يعنى: اللهم هل أعذرت.
فقال حسان بن ثابت في ذلك:
فخرتم باللواء وشر فخر * لواء حين رد إلى صواب جعلتم فخركم فيه لعبد * وألام من يطا عفر التراب ظننتم والسفيه له ظنون * وما إن ذاك من أمر الصواب بأن جلادنا يوم التقينا * بمكة بيعكم حمر العياب أقر العين أن عصبت يداه * وما إن تعصبان على خضاب وقال حسان أيضا في رفع عمرة بنت علقمة اللواء لهم:
إذا عضل سيقت إلينا كأنها * جداية شرك معلمات الحواجب (1) أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا * وحزناهم بالضرب من كل جانب فلولا لواء الحارثية أصبحوا * يباعون في الأسواق بيع الجلائب * * * قال ابن إسحاق: فانكشف المسلمون وأصاب منهم العدو، وكان يوم بلاء