قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، أن أبا عامر عبد عمرو بن صيفي ابن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة، وكان قد خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم معه خمسون غلاما من الأوس. وبعض الناس يقول: كانوا خمسة عشر. وكان يعد قريشا أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان.
فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبد ان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس أنا أبو عامر. قالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق. وكان يسمى في الجاهلية الراهب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق.
فلما سمع ردهم عليه قال: لقد أصاب قومي بعدي شر! ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم أرضخهم بالحجارة.
قال ابن إسحاق: فأقبل الناس حتى حميت الحرب، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس.
قال ابن هشام: وحدثني غير واحد من أهل العلم أن الزبير بن العوام قال: وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة، وقلت: أنا ابن صفية عمته ومن قريش، وقد قمت إليه وسألته إياه قبله فأعطاه أبا دجانة وتركني، والله لأنظرن ما يصنع.
فاتبعته، فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت: وهكذا كانت تقول له إذا تعصب. فخرج وهو يقول:
أنا الذي عاهدني خليلي * ونحن بالسفح لدى النخيل أن لا أقوم الدهر في الكيول * أضرب بسيف الله والرسول وقال الأموي: حدثني أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلا أتاه وهو يقاتل به، فقال: لعلك إن أعطيتك تقاتل في الكيول؟ قال: لا. فأعطاه سيفا فجعل يرتجز ويقول: