وذكر عروة بن موسى بن عقبة أن بني سلمة وبنى حارثة لما رجع عبد الله بن أبي وأصحابه همتا أن تفشلا، فثبتهما الله تعالى، ولهذا قال: " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ".
قال جابر بن عبد الله: ما أحب أنها لم تنزل والله يقول: " والله وليهما (1) " كما ثبت في الصحيحين عنه.
* * * قال ابن إسحاق: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني حارثة، فذب فرس بذنبه فأصاب كلاب (2) سيف فاستله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب السيف: شم سيفك. أي أغمده، فإني أرى السيوف ستسل اليوم.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: من رجل يخرج بنا على القوم من كثب - أي من قريب - من طريق لا يمر بنا عليهم؟ فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن الحارث:
أنا يا رسول الله. فنفذ به في حرة بني حارثة وبين أموالهم، حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، وكان رجلا منافقا ضرير البصر، فلما سمع حس رسول الله ومن معه من المسلمين قام يحثى في وجوههم التراب ويقول: إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل في حائطي.
قال ابن إسحاق: وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من التراب في يده ثم قال: والله لو أعلم أنى لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك. فابتدره القوم ليقتلوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتلوه، فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر. وقد